الحج السوري بين الماضي والحاضر (حجـاج سـوريّة … بين العبوديـة والحريـّة)

يقال: “من شب على شيء شاب عليه”

ومع ذلك أحسنا الظن وقلنا ربما يتغير؛ لأنه يعلم أن هناك منافساً قوياً له خدم الملف عقداً من الزمن،
وتميز وتفوق على دول ووزارات.

عاد (وللأسف لم يكن العود أحمد( واستلمت حكومة نظام دمشق (وزارة الأوقاف) العدد الأكبر من ملف الحج.

وشُكّلت بعثة الحج التابعة لنظام دمشق – كما كانت سابقاً- محسوبيات واتصالات هاتفية من
الفروع الأمنية والاستخباراتية والمتنفذين ضمن أعضائها، ولدينا أسماء لمن هو رئيس فوج عندهم
وحج لمرة واحدة فقط ولم يتدرب على أي أعمال إدارية.

وهناك موجهون دينيون لم يذهبوا للحج على الإطلاق؛ فلا ندري كيف سيوجهون الحجاج في طوافهم وسعيهم ومناسكهم، والقاعدة تقول (فاقد الشيء لا يعطيه).

وبدأت تأشيرات الحج عند نظام دمشق تباع في السوق السوداء حسب مواليد طالبها، فكلما كان العمر أصغر ارتفع سعر التأشيرة.

ولن أطيل في كيفية اختيار السكن والنقل وحجوزات الطيران وغيرها، ولكني أود ذكر عددٍ من المواقف التي خدمت الهيئةُ السورية فيها كل سوري قادم للحج من أي قرية أو مدينة أو محافظة، المهم أن هذا الحاج قادم من سورية الحبيبة.

حجاج سورية في مكة المكرمة

تولت الهيئة السورية للحج والعمرة تسيير أمور الحجاج القادمين من خارج سوريا (شمال سورية وتركيا وقطر وأربيل)، وازداد تميز الحجاج هذا العام -بفضل الله- بالكثير من الخدمات مثل بوفيه مفتوح لوجبة الإفطار – فنادق 5 نجوم في المدينة المنورة، لا تبعد أكثر من 100م عن الحرم، وبعضها على بلاط الحرم لأكثر من 80% من الحجاج – موقع مخيمات منی بمستوى /ب/ المتميز.

اتخذت الهيئة السورية للحج والعمرة قراراً أن تكون في خدمة كل الحجاج السوريين، فلم يُمنع أي حاج سوري من ركوب الباصات التي تنقل حجاج الهيئة السورية من وإلى الحرم (أغلب أماكن سكن حجاج نظام دمشق لا يوجد بها نقل من وإلى الحرم).

وبدأت أيام العمل والمناسك…

وتم إلغاء المبيت في منى يوم التروية بالكامل من برنامج حجاج نظام دمشق.

 أما في أيام التشريق فقد كان الحجاج يزوروننا في خيمنا، فكنا نستقبلهم ونوزع عليهم الماء والشاي، ويستريحون في خيمنا قبل أن يستمروا في طريقهم مع مرافق نرسله من كوادر الهيئة السورية ليوصلهم إلى مخيمهم، لأن بعثة حج نظام دمشق لم تقدم لهم الخدمات أو النقل المجاني إلى موقع خيامه في ربوة الحضارمة،

حيث دأبت الهيئة السورية على تقديم ذلك لحجاجها في السنوات السابقة عندما كانت بنفس الموقع.

ومن الجدير بالذكر؛ أن إعلام نظام دمشق قام بسرقة صور من مخيم منى، وقصها لإخفاء الشعار ونشرها على أنها من مخيماته، في حين أنها تابعة لحجاج الهيئة السورية ضمن برنامج “كأنكم شامة بين الناس” الذي أطلقته الهيئة منذ عام 2018، ويهدف إلى تنظيف الخيام في عرفات ومنى.

حجاج سورية في المدينة المنورة

وبعد انتقال الحجاج إلى المدينة المنورة يحسن التنبيه أن الهيئة السورية للحج والعمرة تقدم خدماتها في المدينة المنورة لكل الحجاج السوريين بغض النظر عن تبعيتهم الإدارية.

ومن بعض المواقف الطريفة في مطار المدينة المنورة أن موظفي المطار يسألون أعضاء بعثة الهيئة السورية عن سبب حضورهم في بعض الرحلات لتنظيم الحجاج ومساعدتهم وإرشادهم حتى آخر خطوة قبل صعود الطائرة، بينما لا يحضرون مع بعض الرحلات الأخرى؛ تم التوضيح لهم أن الحجاج السوريين يتبعون بعثة أخرى؛ غادرت وتركتهم، فكان موظفو الهيئة يتابعون مواعيد الطيران لدمشق، ويساعدون الحجاج في المطار بجر العربات للعاجزين أو إرشاد التائهين وتسيير أمورهم.

ولم ننس زيارة المرضى في مشافي المدينة المنورة، وتفاجأنا بوجود سبعة مرضى يتبعون لبعثة نظام دمشق، ولا يعلم أحد عنهم شيئًا، وهم فرادى في المشافي ولا يعرفون كيف سيسافرون بعد الشفاء؛ قدمت الهيئة السورية لهم الخدمات كاملة ووعدتهم بمتابعة حالتهم الصحية حتى خروجهم من المشفى، وعودتهم جوا إلى دمشق عبر مطار بيروت.

ومن المضحك المبكي أنه قبل عام 2011 كان يقال إن البعثة السورية وقبل عودتها إلى دمشق كانت توقع شهادات وفاة فارغة وتعطيها لموظف مكتب الأدلاء بالمدينة، ليقوم بملء البيانات عند وفاة أحد الحجاج ومتابعة الإجراءات.

وهذا ما حصل، وأنا أسطر هذه الكلمات؛ يتم التواصل معنا من إحدى مشافي المدينة المنورة بوفاة
حاجة من حجاج نظام دمشق، دخلت المشفى وحيدة، وتوفيت وحيدة – رحمها الله – ولا متابع لها من بعثتهم أو إداريي الأفواج، فتواصلوا مع الهيئة السورية بعد أن بحثوا عن أي خيط يوصلهم للبعثة أو لذوي المتوفاة، فلم يجدوا مجيباً، فاستطعنا الوصول إلى ولدها، وتم التواصل معه وإكمال إجراءات الدفن.

وفي الختام، تؤكد الهيئة السورية للحج والعمرة استمرار تقديم كافة خدماتها للحجاج السوريين، وعدم التمييز بينهم لأي سبب كان، ومنطلقها في ذلك أن هؤلاء ضيوف الرحمن، يستحقون الخدمة للأجر والثواب.

نسأل الله تعالى الإخلاص والقبول.