الهيئة السورية للحج والعمرة

الرئيســية - التفاصيل

تفاصيل الخبر

أخذ الجعالة على الحج عن الغير

من خصائص الشريعة الإسلامية التيسير في العبادات، ومنها الحج؛ فقد شرع الله الإنابة لمن لا يستطيع الوصول إلى الحج أو مات قبل أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وأباح لمن يحج عن غيره أخذ المال ليستعين بذلك على أداء ما أنيط إليه.

وهذا من التيسير والتعاون على البر ووصول الثواب له وللغير، ويدخل في باب تعظيم شعائر الله وإعمار بيت الله الحرام.

وانتشر بين الناس اليوم أخذ العوض على الإنابة في الحج، ومن المناسب بيان أحد الأنواع التي يتعامل بها الناس وأثرها فقهيا وهي الجعالة.

وقد نص العلماء على جواز النيابة في الحج لغير القادر على الحج لمرض ونحوه يمنعه من القيام بهذه الشعيرة، وكذلك عن الميت ([1])، كذلك يجوز أخذ المال مقابل الحج عن الغير ([2])، على تفصيل في المذاهب، وتتنوع ماهية المال الذي يؤخذ مقابل الحج عن الغير في المذاهب.

فأخذ العوض مقابل الحج عن الغير عدة أنواع؛ ومما ذكره الفقهاء أن يكون: أجرة أو جعالة أو رزقاً أو إرفاقا.

والجعالة أحد أنواع أخذ المال على الحج عن الغير، وهذا عقد له ماهيته التي تميزه عن غيره، وله أثره.

أولاً- تعريف الجعالة بشكل عام: عقد معاوضة بين طرفين، الأول هو الجاعل يبذل مالاً معلوما، ويعلِّق بذله على حصول أمر محتمل الحصول، مقابل قيام الطرف الثاني -وهو العامل- ببذل عمل مجهول المقدار، وله أدلة من الكتاب والسنة.

 ثانياً- الجُعالة على الحج

الجعالة على الحج عقد معاوضة صحيح عند جمهور العلماء له أدلته الشرعية، ويقع بعدة صور

ثالثاً- صور الجعالة على الحج؟

       للجعالة على الحج، عدّة صور ممكنة منها:

الصورة الأولى: الجعالة لمعين، كأن يقول الجاعل لعامل معين: حج عني ولك كذا ([3]) من المال، ولا يكون جعالة إن قال حج عني وأعطيك نفقتك.

الصورة الثانية: الجعالة لغير معين، كأن يقول الجاعل: من حج عني، أو عن فلان فله كذا من المال، ويقصد بذلك الاستفضال من النفقة ([4])، أو يقول أول من يحج عني فله كذا([5])

الصورة الثالثة: الجعالة بلفظ الإجارة، كأن يقول الجاعل: من حج عني فله أجرة كذا ويقصد الجعالة، بجهالة العمل وجهالة العامل ([6]).

وهناك فروق بين العوض جعالة وبين أنواع العوض الأخرى من حيث الماهية والأثر.

رابعاً- صيغة عقد الجعالة على الحج:

صيغة العقد أن يقول: من يحج عني أوعن فلان فله كذا أو يقول لمعين: حج عني ولك كذا.

خامساً- ماهية العقد وآثاره:

  • الجعالة تصح فيها جهالة مقدار العمل وحصول النتيجة ولا يصح فيها جهالة البدل.
  • وما لزمه من الدماء بفعل محظور فعلى النائب في ماله.
  • ودم التمتع أو القران على المستنيب إن أذن له بنوع النسك.
  • ودم الإحصار على المستنيب.
  • وإن فسد حجه فالقضاء على النائب في ماله، وعليه إرجاع المال- بدل الحج- لصاحبه.
  • وإن فاته الحج بتفريطه عليه القضاء في ماله، وإن لم يكن بتفريطه أُعطي مقدار نفقته.
  • وما زاد من المال بعد أداء حجه فهو له لا يرجع منه شيئا.

ختاما- جاء في تفسير القرطبي لقوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) في الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه، خلافا للفقراء.

 أما إن الحج دون تجارة أفضل، لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها. [7]

والحمد لله رب العالمين


([1]) انظر: ابن الهمام، فتح القدير 3 / 145، والحطاب، مواهب الجليل 3 / 522، والنووي، روضة الطالبين 3 / 18، وابن قدامة، المغني 3 / 232

([2]) انظر: نوح علي القضاة، قضاء العبادات والنيابة فيها: بحث فقهي مقارن / 318، وعند المالكية لا يصح عن المريض، ويصح عن الميت إذا أوصى، ومع ذلك ذكروا فيها مسائل كثيرة، انظر: الحطاب، مواهب الجليل 3 / 522

([3]) انظر: الماوردي، الحاوي الكبير 4 / 277.

([4]) انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوى 26 / 16.

([5]) انظر: النووي، روضة الطالبين 1 / 293.

([6]) انظر: الماوردي، الحاوي الكبير 4 / 276.

[7] – تفسير القرطبي2/383

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *